فصل: سنة ثمان وخمسين وست مائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العبر في خبر من غبر (نسخة منقحة)



.سنة سبع وخمسين وست مائة:

فيها نزل هولاووعلى آمد وبعث رسله إلى صاحب ماردين.
فبعث ولده الملك المظفر بالتقادم فقبض عليه هولاوو.
وفي آخرها اشتدت الأراجيف بحركة هولاوو إلى الشام وهرب الخلق.
فقبض قطز المعزي على ابن أستاذه الملك المنصور علي وتسلطن ولقب بالملك المظفر لحاجة الوقت إلى ملك كاف.
وأول من جاوز الفرات أشموط ابن هولاوو في ذي الحجة.
ثم نازلوا حلب فناوشهم أهلها وجندها القتال.
فهربوا لهم ثم كروا عليه فقتلوا خلقًا واشتد الخطب وحار الناصر في نفسه.
وفيها توفي أبو العباس بن مامتيت أحمد بن محمد بن الحسن اللواتي الفاسي المحدث المعمر نزيل القاهرة.
كان صالحًا عالمًا خيرًا.
روى بالإجازة العامة عن أبي الوقت.
قال الشريف عز الدين:
وأبو الحسين بن السراج المحدث الكبير مسند المغرب احمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله الأنصاري الإشبيلي.
ولد سنة ست وخمس مائة.
وسمع من ابن بشكوال وأبي عبد الله بن زرقون وعبد الحق بن بونة وطائفة.
وتفرد في زمانه.
وكانت الرحلة إليه بالمغرب.
توفي في سابع صفر.
والصدر بن المنجا واقف المدرسة الصدرية الرئيس أبو الفتح أسعد ابن عثمان بن وجيه الدين أسعد بن المنجا التنوخي الحنبلي المعدل.
ولد سنة ثمان وتسعين وخمس مائة وروى عن ابن طبرزد.
توفي في رمضان ودفن بمدرسته.
وابن اللمط شمس الدين أبو محمد عبد الله بن يوسف الجذامي المصري.
رحل وسمع من ابن دحية وسمع من أبي جعفر الصيدلاني وعبد الوهاب بن سكينة.
توفي في ربيع الآخر وله خمس وثمانون سنة.
وصاحب الموصل الملك الرحيم بدر الدين لؤلؤ الأرمني الأتابكي مملوك نور الدين أرسلان شاه بن عز الدين مسعود صاحب الموصل.
كان مدبر دولة أستاذه وبدولة ولده القاهر مسعود.
فلما مات القاهر سنة خمس عشرة أقام بدر الدين ولدي القاهر صورة وبقي أتابكًا لهما مدة ثم استقل بالسلطنة وكان حازمًا شجاعًا مدبرًا خبيرًا.
توفي في شعبان وقد نيف على الثمانين وانخرم نظام بلده من بعده.
وابن الشيرجي الصدر نجم الدين مظفر بن محمد بن إلياس الأنصاري الدمشقي.
ولي تدريس العصرونية والوكالة.
وحدث عن الخشوعي وجماعة.
وولي أيضًا الحسبة ونظر الجامع.
توفي في آخر السنة.
ويوسف القميني الموله الذي يعتقد فيه العامة أنه ولي وحجتهم الكشف والكلام على الخواطر.
وهذا شيء يقع من الكاهن والراهب والمجنون الذي له قرين من الجن.
وقد كثر هذا في عصرنا والله المستعان.
وكان يوسف يتنجس ببوله ويمشي حافيًا ويأوي إلى قمين حمام نور الدين ولا يصلي.

.سنة ثمان وخمسين وست مائة:

في المحرم قطع هولاوو الفرات ونهب نواحي حلب.
فراسل متوليها المعظم تورانشاه ابن السلطان صلاح الدين: بأنكم تضعفون عنا ونحن نقصد سلطانكم الناصر.
فاجعلوا لنا عندكم شحنة بالقلعة وشحنة بالبلد.
فإن انتصر عليها السلطان فاقتلوا الشحنتين أو ابقوهما وإن انتصرنا فحلب والبلاد لنا ويكونون آمنين.
فأبى عليه تورانشاه فنزل على حلب في ثاني صفر فلم يصبح عليهم الصباح إلا وقد حفروا عليهم خندقًا عمق قامة وعرض أربعة أذرع.
وبنوا حائطًا ارتفاع خمسة أذرع ونصبوا عشرين منجنيقًا وألحوا بالرمي وشرعوا في نقب السور.
وفي تاسع صفر ركبوا الأسوار ووضعوا السيف يومهم ومن الغد.
وأحمى في حلب أماكن سلم فيها نحو خمسين ألفًا واستتر خلق وقتل أمم لا يحصون وبقي القتل والسبي خمسة أيام.
ثم نودي برفع السيف وأذن المؤذن يومئذ يوم الجمعة بالجامع وأقيمت الجمعة بأناس ثم أحاطوا بالقلعة وحاصروها.
ووصل الخبر يوم السبت إلى دمشق فهرب الناصر ودخلت يومئذ رسل هولاوو وقرىء الفرمان بأمان دمشق.
ثم وصل نائب هولاوو فتلقاه الكبراء وحملت أيضًا مفاتيح حماة إلى هولاوو فسير إليهم شحنة.
وسار صاحبها والناصر إلى نحو غزة وعصت قلعة دمشق فحاصرتها التتار وألحوا بعشرين منجنيقًا على برج الطارمة فتشقق.
وطلب أهلها الأمان فأمنوهم وسكنها النائب كتبغا وتسلموا بعلبك وقلعتها وأخذوا نابلس ونواحيها بالسيف ثم ظفروا بالملك وأخذوه بالأمان وساروا به إلى هولاوو فرعى له مجيئه وبقي في خدمته أشهرًا ثم قطع الفرات راجعًا وترك الشام فرقة من التتار.
وأما المصريون فتأهبوا وشرعوا في المسير من نصف شعبان.
وثارت النصارى بدمشق ورفعت رؤوسها ورفعوا الصليب ومروا به وألزموا الناس بالقيام له من حوانيتهم في الثاني والعشرين من رمضان ووصل جيش الإسلام عليهم الملك المظفر وعلى مقدمتهم ركن الدين البندقداري.
فالتقى الجمعان على عين جالوت غربي بيسان.
ونصر الله دينه وقتل في المصاف مقدم التتار كتبغا وطائفة من أمراء المغول.
ووقع بدمشق النهب والقتل في النصارى وإحرقت كنيسة لهم.
وعيد المسلمون على خير عظيم وساق البندقداري وراء التتار إلى حلب وخلت من القوم الشام وطمع البندقداري في أخذ حلب.
كان وعده بها الملك المظفر ثم رجع فتأثر وأضمر الشر.
فلما رجع المظفر بعد شهر إلى مصر مضمرًا للبندقداري أيضًا الشر فوافق ركن الدين على مراده عدة أمراء.
وكان الذي ضربه بالسيف فحل كتفه بكتوت الجوكندار المعزي ثم رماه بهادر المعزي بسهم قضى عليه وذلك يوم سادس عشر ذي القعدة بقرب قطية.
وتسلطن ركن الدين البندقداري الملك الظاهر.
وأما نائب دمشق علم الدين الحلبي فحلف الأمراء لنفسه ولقب الملك المجاهد.
وخطب له بدمشق مع الملك الظاهر.
وفي آخر السنة كرت التتار على حلب واندفع عسكرها بين أيديهم.
فدخلوا إليها وأخرجوا من بها إلى قربين وأحاطوا بهم ووضعوا فيهم السيف.
وفيها توفي ابن سني الدولة قاضي القضاة صدر الدين أبو العباس أحمد بن يحيى بن هبة الله بن الحسن الدمشقي الشافعي.
ولد سنة تسعين وخمس مائة وسمع من الخشوعي وجماعة.
وتفقه على أبيه قاضي القضاة شمس الدين وعلى فخر الدين بن عساكر.
وقل من نشأ مثله في صيانته وديانته واشتغاله.
ناب عن أبيه وولي نيابة بيت المال ودرس بالإقبالية والجاروخية.
وولي القضاء مدة.
رجع من عند هولاوو متمرضًا وأدركه الموت ببعلبك في جمادى الآخرة.
وله ثمان وستون سنة.
وإبراهيم بن خليل نجيب الدين أبو إسحاق الدمشقي الأدمي.
ولد سنة خمس وسبعين وسمعه أخوه من عبد الرحمن بن علي الخرقي ويحيى الثقفي وجماعة وحدث بدمشق وحلب وعدم بها في صفر.
وتمام المسروري أبو طالب بن أبي بكر بن أبي طالب الدمشقي الجندي ولد سنة سبع وسبعين وسمع من يحيى الثقفي.
توفي في رجب.
وتورانشاه المعظم أبو المفاخر ابن السلطان الكبير صلاح الدين.
ولد سنة سبع وسبعين وسمع من يحيى الثقفي وابن صدقة الحراني وأجاز له عبد الله بن بري وكان السلطان يجله ويتأدب معه.
سلم قلعة حلب.
لما عجز بالأمان.
أدركه الموت إثر ذلك.
فتوفي في ربيع الأول وله ثمانون سنة.
والملك السعيد حسن بن العزيز عثمان بن العادل صاحب الصبيبة وبانياس.
تملك سنة إحدى وثلاثين بعد أخيه الملك الظاهر إلى سنةبضع وأربعين.
فأخذ الصبيبة منه الملك الصالح وأعطاه إمرة بمصر , فلما قتل المعظم بن الصالح ساق إلى غزة وأخذ ما فيها وأتى الصبيبة فتسلمها.
فلما تملك الناصر دمشق قبض عليه وسجنه بالبيرة فلما أخذ هولاوو البيرة أحضر إليه بقيوده وخلع عليه بسراقوس وصار منهم.
وسلموا إليه الصبيبة.
وبقي في خدمته كتبغابدمشق.
وكان بطلًا شجاعًا.
قاتل يوم عبن جالوت.
فلما انهزمت التتار جيء به إلى الملك المظفر فضرب عنقه.
والمحب عبد الله بن أحمد بن أبي بكر محمد بن إبراهيم السعدي المقدسي الصالحي الحنبلي المحدث مفيد الجبل.
روى عن الشيخ الموفق وابن البن وابن الزبيدي.
ورحل إلى بغداد فسمع من ابن القبيطي وعلي بن أبي الفخار وطبقتهما.
وكتب الكثير وعني بالحديث أتم عناية.
توفي في جمادى الآخرة وله أربعون سنة.
وابن الخشوعي أبو محمد عبد الله بن بركات بن إبراهيم الدمشقي.
سمع من يحيى الثقفي وابيه وعبد الرزاق النجار واجاز له السلفي وطائفة.
توفي في أواخر صفر.
والعماد عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف المقدسي الجماعيلي الحنبلي المؤدب.
سمع من وابن العجمي أبو طالب عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن عبد الرحمن ابن الحسين الحلبي الشافعي.
روى عن يحيى الثقفي وابن طبرزد.
ودرس وافتى.
عذبه التتار على المال حتى هلك في الرابع والعشرين من صفر.
والملك المظفر سيف الدين قطز المعزي.
كان بطلًا شجاعًا دينًا مجاهدًا.
انكسرت التتار على يده واستعاد منهم الشام.
وكان أتابك الملك المنصور على ولد أستاذه فلما رآه لايغني شيئًا عزله وقام في السلطنة.
وكان شابًا أشقر وافر اللحية ذكر أنه قال: أنا محمود بن ممدود ابن اخت السلطان خوارزم شاه.
وأنه كان لتاجر في القصاعين بدمشق.
وقبره بالقصير من رمل مصر قد عفر أثره.
وكتبغا المغلي نوين مقدم التتار ونائب الشام لهولاوو.
قتله أقوش الشمسي في المصاف.
وكان عظيمًا عند التتار معتمدًا عليه لشجاعته ورأيه ودهائه وحزامنه وخبرته بالحروب والحسارات كان هولاكو يتيمن برأيه ويحترمه.
وكان شيخًا مسنًا كافرًا يميل إلى النصارى.
والفقيه شيخ الإسلام أبو عبد اله محمد بن أبي الحسين أحمد بن عبد الله بن عيسى اليونيني الحنبلي الحافظ.
ولد سنة اثنتين وسبعين وخمس مائة بيونين.
ولبس الخرقة من الشيخ عبد الله البطائحي عن الشيخ عبد القادر ورباه الشيخ عبد الله اليونيني وتفقه على الشيخ الموفق وسمع من الخشوعي وحنبل.
وكان يكرر على الجمع بين الصحيحين وكان يكرر على أكثر مسند أحمد.
ونال من الحرمة والتقدم ما لم ينله أحد.
وكانت الملوك تقبل يده.
وتقدم مداسه.
وكان إمامًا عالمًا علامة زاهدًا خاشعًا قانتًا لله عظيم الهيبة منور الشيبة مليح الصورة حسن السمت والوقار توفي في تاسع عشر رمضان ببعلبك.
والأكال الشيخ محمد بن خليل الحوراني ثم الدمشقي.
عاش ثمانيًا وخمسين سنة.
وكان صالحًا خيرًا مؤثرًا لا يكاد يأكل لأحد شيئًا إلابأجرة.
وله في ذلك حكايات.
وابن الأبار الحافظ العلامة أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي بكر القضاعي البلنسي الكاتب الأديب أحد أئمة الحديث.
قرأ القراءات وعني بالأثر وبرع في البلاغة والنظم والنثر.
وكان ذا جلالة ورئاسة.
قتله صاحب تونس ظلمًا في العشرين من المحرم وله ثلاث وستون سنة.
ومحمد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد بن قدامة أبو عبد الله المقدسي الجماعيلي.
سمع من محمد بن حمزة بن أبي الصقر وعبد الرزاق النجار ويحيى الثقفي وطائفة.
وكان آخر من روى بالإجازة عن شهدة.
وهو شيخ صالح متعفف تال لكتاب الله يؤم بمسجد ساوية من عمل نابلس , فاستشهد على يد التتار في جمادى الأولى وقد نيف على التسعين.
والملك الكامل ناصر الدين محمد ابن الملك المظفر شهاب الدين غازي ابن العادل صاحب ميافارقين.
ملك سنة خمس وأربعين.
وكان عالمًا فاضلًا شجاعًا عادلًا محسنًا إلى الرعية ذا عبادة وورع.
ولم يكن في بيته من يضاهيه.
حاصرته التتار عشرين شهرًا حتى فني أهل البلد بالوباء والقحط ثم دخلوا وأسروه.
فضرب هولاوو عنقه بعد أخذ حلب وطيف برأسه ثم علق على باب الفراديس ثم دفنه المسلمون بمسجد الرأس داخل الباب.
بلغني أن التتار دخلوا البلد فوجدوا به سبعين نفسًا بعد ألوف كثيرة.
والضياء القزويني الصوفي أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم بن محمد.
ولد سنة اثنتين وسبعين وخمس مائة.
بحلب.
وروى عن يحيى الثقفي.
توفي في ربيع الآخر.
وابن قوام الشيخ الزاهد الكبير أبو بكر بن قوام بن علي بن قوام البالسي.
جد شيخنا أبي عبد الله محمد بن عمر.
كات زاهدًا عابدًا قدوة صاحب حال وكشف وكرامات.
وله رواية وأتباع.
ولد سنة أربع وثمانين وخمس مائة وتوفي في سلخ رجب سنة ثمان ببلاد حلب.
ثم نقل تابوته ودفن بجبل قاسيون في أول سنة سبعين.
وقبره ظاهر يزار.
وحسام الدين أبو علي بن محمد بن أبي علي الهذباني الكردي.
من كبار الدولة وأجلائها.
وكان له اختصاص زائد بالملك الصالح نجم الدين.
ناب في سلطنة دمشق له ثم في سلطنة مصر وحج سنة تسع وأربعين ثم أصابه في آخر عمره صرع.
وتزايد به حتى مات.
ولد بحلب سنة اثنتين وتسعين وخمس مائة وله شعر جيد.
وأبو الكرم لاحق بن عبد المنعم بن قاسم الأنصاري الأرتاحي ثم المصري الحنبلي اللبان.
سمع من عم جده أبي عبد الله الأرتاحي وتفرد بالإجازة من المبارك بن الطباخ.
وكان صالحًا متعففًا.
روى عنه الزكي عبد العظيم مع تقدمه.
توفي بمصر في جمادى الآخرة.